نبذة عن المقال
في عصر اليوتيوب والـ Udemy، صار السؤال: ليش نضيّع 4 سنين بالجامعة ونتعلم "نظريات" ما راح تفيدنا بالشغل؟ ليش ندرس تاريخ التصميم وفلسفته واحنا ممكن نتعلم الـ tools ونطلع نشتغل؟
بهاي المقالة، بحاول أطرح وجهة نظر مختلفة - ومثيرة للجدل نوعاً ما - بتحكي أنه البكالوريوس في التصميم مش مجرد "ورقة" أو هيبة فاضية. الفرضية تبعتي بسيطة: التعليم الجامعي بقدّم شغلتين أساسيتين ما بتلاقيهم بالدورات والـ tutorials - أولاً، الأساس النظري اللي بخلّيك تفهم "ليش" مش بس "كيف"، وثانياً، حلقات التغذية الراجعة المستمرة اللي بتطوّر تفكيرك النقدي وقدرتك على التطور كمصمم.
مش هدفي أهاجم التعلّم الذاتي أو أحكي أنه اللي ما درس جامعة "مش مصمم حقيقي" - أبداً. بس بدي نفتح نقاش جدّي عن ايش اللي بنخسره لما نختصر التصميم على مجموعة مهارات عملية بدون أساس نظري، وكيف ممكن هاض الأشي يأثر على مستقبلنا كمصممين وعلى جودة التصميم في مجتمعنا.
مقدمة المقال -شخصياً-
بسم الله الرحمن الرحيم، وحدة من الشغلات اللي بتلاقيني كثير بحكي عنها (المفروض)، هي أهمية الجانب النظري في التصميم، تحديداً = النظريات، التاريخ، وفلسفة التصميم. بطبيعة الحال لأنه بنعكس بشكل مباشر -شئنا أم أبينا- على التصاميم اللي بنطلع فيها، سواء كننا بدنا نطلع بتصميم يكون دارج (trendy) بدنا نواكب فيه التصاميم اللي موجودة، أو كننا بدنا نطلع بنوع جديد من الفن اللي راح نقعد ١٠ دقايق نشرحه لأي حدا بشوف تصميمنا. بكل الأحوال، في عنصر من عناصر الجانب النظري للتصميم لازم يتدخل في هاي المعادلة. وللأسف، التعليم الذاتي في التصميم، أو التعليم خارج نطاق الجامعة ما بقدّم هاض الأشي بصورته اللي المفروض يقدّمها.
حالياً، احنا كيف بنتعلم تصميم؟
أنا نقطتي هون، أنه تعلّمنا للتصميم أغلبه عبارة عن دروس أون لاين (tutorials) أو دورات، التركيز الأساسي تبعها بكون الجواب على سؤال "كيف نجهزك يا عزيزي المتعلّم بحيث تطلع تشتغل بأقرب وقت ممكن"، وهو اشي أساسي أنا ما بختلف عليه، بالأخير، احنا مش كلنا عايشين بحصالة معبّية مصاري وبنصرف منها لحد ما نتذوّق التصميم والفن ونعيشه.
هاض التوجه لتعلّم التصميم بعكس رغبتنا كمجتمع واهتمامنا بتخريج ناس بدها تطلع عالسوق، تجيب مصاري، وتكمّل دورة الحياة الرأسمالية (البحث عن الربح، مش عم بنتقدها هون أنا، عالأقل لسا)، وهو نوعاً ما احنا كمجتمع أو كمجتمعات أخذناه بطريقة "بدنا نعيش"، وهو هاض الجمهور الأساسي للمحتوى التعليمي، بحيث يكون التركيز أكثر اشي هو عالجانب العملي للقصة، كيف نطلع بتصميم يرضي العميل، أو يكون كافي أنه يشغّلني بالشركة، أو على الأقل، لو طلعنا حبّة لقدام، كيف يكون حلو و "زابط".
ايش اللي بقدمه البكالوريوس وما بتقدمه الدورات؟
إذا اتفقنا أنه أكثر طريقة معروفة عشان نتعلم فيها تصميم هي أنه نوخذ كورس جاهز (سواء على Udemy أو حتى دروس على أرض الواقع)، بصفّي الاختلاف الرئيسي هو في التغذية الراجعة اللي بنوخذها، وهاض نوعاً ما اشي مشترك بكل أنواع البكالوريوس والدراسات الرسمية، واللي بتشترك بكونها فيها تغذية راجعة.
كمثال بسيط على الموضوع هاض: حسين (بشكل بريء) بنزّل مادة عن تاريخ التصميم (كمثال على مادة نظرية بحتة)، بالتالي حسين بقدر يسأل أسئلته ويكوّن تصوّره عن تاريخ التصميم، بالشكل اللي بقدر يسأل فيه المحاضر عن الموضوع هاض، غير عن الأوقات المتاحة (الساعات المكتبية) للدكاترة بشكل عام، وهو اشي مفقود نوعاً ما لما نيجي نوخذ الدورات كمثال.
هل الموضوع سيء لهاي الدرجة؟
لأ طبعاً، بشكل أوّلي، احنا لازلنا عايشين في نظام سوق رأسمالي (مش مسبّة والله، فقط وصف) الهدف الأول فيه = الربح، بالتالي اذا كان الهدف الأول لإلنا بالتصميم = العمل أو الربح، الطريق واضح نوعاً ما، دورات كانت أو جامعة، أياً كان فهو بقدّم حلول لسوق العمل (ولو أنه في نقد قوي على النظام الجامعي أنه ما بأهّل الطلاب لسوق العمل)، ولحد هاي اللحظة، اذا احنا مش مهتمين بعملية تحسين شغلنا كتصميم، مش حيهمنا كثير درسنا الأشي بالجامعة ولا أخذناه كدورة.
لكن، ما بآمن بطبيعة الحال أنه ممكن نتقّدم كمصممين بشكل عميق اذا ما كان في تغذية راجعة قوية، وهاي نوعاً ما قليل ما تلاقيها بنظام عملنا، إلا لما نحكي عن الإرشاد (mentorship)، الجامعة (university)، أو بيئات العمل اللي بتعزز هاض الأشي، عدا ذلك، اذا كانت التغذية الراجعة مفقودة = التطوّر مفقود.
مصادر
https://www.amazon.com/Design-Everyday-Things-Revised-Expanded/dp/0465050654
كبداية بسيطة للموضوع، الكتاب المشهور The Design of Everyday things، بشرح عن المبادئ الأساسية لتصاميم منتجات بنستعملها بحياتنا اليومية، قراءة الكتاب بتعرّفنا أنه التصميم هو مجال مش عايش بال La la land.
https://www.researchgate.net/publication/317027539_Design_and_design_education_How_can_they_get_together
ورقة بحثية بتقدّم "التصميم" بشكل عام، وبتحكي أكثر عن حاجتنا أنه يكون التصميم موجّه للبشر بشكل أساسي، أو للمستخدمين، بشرح عنه بشكل بسيط، بعدين بقدّم اعتراضه، عن فشل التعليم في عرض هاي الحاجة ودراستها بشكلها الأساسي.
https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/14626268.2019.1677723
ورقة بحثية ثانية، بتحكي عن الحلقة المفقودة في تعلّمنا للتصميم، أو دراسة التصميم، حتى في الجامعات، لكن مش كثير حتكون المقالة محمّسة كونه لغتها دسمة شوي وبتتطرق لنظرية المعرفة وعلاقتها بالتصميم.
https://www.sciencedirect.com/topics/social-sciences/design-education
هاض مصدر الي الصراحة، وهي مجلة علمية في التصميم.
هون أنا كنت بفكّر بصوت عالي :))
المشكلة بطريقة تعليمنا للتصميم أنه ما بوخذ التعريف الأصلي للتصميم بعين الاعتبار، وأنا هون مش بصدد تعريفه وتمحيصه وووو، بس بصدد عرض جانب واحد منه فقط: هل التصميم علم\عمل مستقل ولا هو ربط بين أجزاء وعلوم؟
لي بتهمني هاي الشغلة، لأنه اذا حكينا أنه التصميم علم مستقل، فتمام، بنعدّي الأمور على خير، أما اذا كان التصميم هو تقاطع بين عدد من العلوم، فبقدر أحكي انه جزء من هاي العلوم هي دراسة البشر نفسهم، واحنا مشكلتنا بالتصميم، انه ما بنصمم "للبشر"، بتحسنا مرات بنصمم لآلات ثانية. فبالتالي طريقة دراستنا للتصميم على أنه مجموعة من المهارات العملية = غبي. الأصل = النظرية في كل شيء هي اللي بتبني العملية اللي بنصمم فيها، زي اللي بيجي يدرس البشر على أنهم كائنات ميكانيكية بتمارس دورتها للحياة، هل بتتوقع منه يقدّم رواية في العمق الإنساني؟